وأمر بطاعتهم، وتلمح العواقب فاعتبرها فراقبها وعمل بمقتضى مصالحها، وقاوم الهوى فرد غَربَه، وأدرك الأمور الغامضة، ودبر على استخدام المخلوقات فاستخدمها، وحث على الفضائل ونهى عن الرذائل، وشد أسر الحزم، وقوى أزر العزم، واستجلب ما يزين، ونفى ما يشين، فإذا تُرك وسلطانه، أسر فضول الهوى، فحصرها في حبس المنع" (?).

وفي هذا المعنى قال ابن قيم الجوزية: "وهذا ثمرة العقل الذي به عُرف الله -سبحانه وتعالى- وأسماؤه وصفات كماله ونعوت جلاله، وبه آمن المؤمنون بكتبه ورسله ولقائه وملائكته، وبه عُرفت آيات ربوبيته وأدلة وحدانيته ومعجزات رسله، وبه امتثُلتِ أوامره واجتنبت نواهيه، وهو الذي تلمح العواقب فراقبها، وعمل بمقتضى مصالحها، وقاوم الهوى فرد جيشه مغلولًا، وساعد الصبر حتى ظفر به بعد أن كان بسهامه مقتولًا، وحث على الفضائل، ونهى عن الرذائل، وفتق المعاني وأدرك الغوامض، وشد أزر العزم فاستوى على سوقه، وقوّى أزر الحزم حتى حظي من الله بتوفيقه، فاستجلب ما يزين، ونفى ما يشين، فإذا نزل وسلطانُه أسر جنود الهوى فحصرها في حبس (من ترك لله شيئًا عوضه الله خيرًا منه). ." (?).

كما سار ابن قيم الجوزية على نهج ابن الجوزي -تقريبًا- في عرض الموضوعات، فمثلًا في كتابه روضة المحبين ونزهة المشتاقين، بدأه بذكر فضل العقل وأهميته في ضبط الشهوات، ثم تكلم على الحب، وأحكام النظر والمحبة والعشق وذم الهوى، وهي الموضوعات نفسها التي عالجها ابن الجوزي في كتابه ذم الهوى، وكثير منه مقتبس باللفظ والمعنى منه.

مثال: أورد ابن قيم الجوزية التعريفات نفسها الخاصة بالعشق، والتي ذكرها ابن الجوزي وهي كالآتي:

قال ابن الجوزي: "قال أفلاطون: العشق حركة النفس الفارغة بغير فكرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015