المبحث الأول
أدلة تحريم حلق اللحية
ذهب الجمهور إلى أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب لغة وشرعًا ومن حيث العقل والنقل، فإذا ورد الأمر متجردًا عن القرائن اقتضى الوجوب.
أما العقل: فما علم أهل اللغة قبل ورود الشرع أنهم أطبقوا على ذم عبد لم يمتثل أمر سيده، وأنهم يصفونه بالعصيان ولا يذم ولا يوصف بالعصيان إلا من كان تاركًا لواجب عليه.
وأما النقل: فقت تكرر استدلال السلف بصيغة الأمر مع تجردها عن القرائن على الوجوب، وشاع ذلك وذاع بلا نكير، فأوجب العلم العادي باتفاقهم عليه، وبالتتبع يعلم أن فهم الوجوب لا يحتاج إلى قرينة لتبادره إلى الذهن، بخلاف فهم الندب فإنه يحتاج اليه، واستدلوا بالأدلة الآتية: ا- قوله تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}؟ (?).
وليس المراد منه الاستفهام بالاتفاق، بل الذم، وأنه لا عذر له في الإخلال بالسجود بعد ورود الأمر به له في ضمن قوله تعالى للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} (?).
دل ذلك على أن معنى الأمر المجرد عن القرائن الوجوب، ولو لم يكن دالًا