كل هؤلاء تحترم وتقدس حريتهم الشخصية، إلا طائفة واحدة تحرم من هذا الحق ويضطهدون إذا مارسوه.
وهم أهل الحق أهل الكتاب والسنة أتباع سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هؤلاء يدعون إلى الاهتمام بالجوهر وعدم التركيز على المظهر، فلماذا يشغلون أنفسهم بمظهر هؤلاء المتمسكين بدينهم ويعرضون عن جوهرهم؟ ويستغلون سلطتهم ويكملون نقصهم ويفرغون انهزامهم الداخلي عن طريق الأوامر واللوائح التي ما أنزل الله بها من سلطان بدل أن يتوبوا إلى ربهم ويقلعوا عن غيهم:
اتقوا الله يا غواة قليلا .... واخلعوا العار عنكم والشنارا
ورحم الله عبداً بلغه الحق فانصاع، ولم يعده إلى التكذيب والابتداع، قال عز وجل: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وقد سبق أن طبعت هذه الرسالة مرات أربعاً كانت الأولى منها في ذي الحجة 1396هـ، وقد أعيد النظر فيها، فزيدت، وهذبت، وصححت، ورتبت، ثم ألحق بها -تتميمًا لفائدتها- بحث في دحض بدعة تقسم الدين إلى قشر ولباب التي يتخذها الجهال ذريعة إلى إهدار الظاهر، احتجاجًا بصلاح الباطن، وكذبوا لو صلحت قلوبهم لصلحت ظواهرهم، والله الموفق.
هذا وقد سألت جامع الناس ليوم لا ريب فيه، أن يجمع أهواءنا المتفرقة في أودية الدنيا على ما يزلف لديه ويرضيه، ويخلص أعمالنا لوجهه، وما لم يكن منها له فيصرفه لذلك بلطفه وتلافيه، وأن يختم لي ولسائر إخواني المسلمين بالخاتمة الحسنى قبل انخرام الأجل وفراق الدنيا، وأن يستعملنا بما علمنا ما دام العمل يمكننا، وصلى الله على رسوله وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.