ذلك فهم يهوونه، وموافقتهم فيه: اتباع لما يهوونه، ولذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين لهم في بعض أمورهم، ويسرون بذلك، ويودون أن لو بذلوا مالا عظيما ليحصل ذلك.
وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (?).
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى (?): (فقوله "ولا يكونوا" نهي مطلق عن مشابهتهم، وهو خاص أيضا في النهى عن مشابهتهم في قسوة قلوبهم، وقسوة القلوب من ثمرات المعاصي) اهـ.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية (?): "ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية، اهـ.
وفي الباب آيات أخر كثيرة وفيما ذكرنا كفاية.
فتبين من هذه الآيات أن ترك هدي الكفار والتشبه بهم في أعمالهم وأقوالهم وأهوائهم من المقاصد والغايات التي أسسها، وجاء بها القرآن الكريم، وقد قام صلى الله عليه وسلم ببيان ذلك وتفصيله للأمة، وحققه في أمور كثيرة من فروع الشريعة. قال صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ عَمِلَ بِسُنَّةِ غَيْرِنَا" (?). حتى عرف ذلك اليهود الذين كانوا في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وشعروا أنه صلى الله عليه وسلم يتحرى أن يخالفهم في كل شئونهم الخاصة بهم فقالوا: "مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا