(فائدة)

ويمكن الاستدلال على الوجوب أيضًا بالنهي الوارد بصيغة الأمر، فإن النهى هو طلب الكف عن الفعل، وقد ورد النهي بصيغة الأمر، فقوله صلى الله عليه وسلم: "اعفوا" معناه: اتركوها وافية لا تقصوها كما قال الإمام النووي رحمه الله (?) في تفسير "اعفوا"، ونقل ابن حجر عن ابن دقيق العيد قوله: "حقيقة الإعفاء الترك" (?). فالإعفاء طلب للترك فهو نهى، والنهي يلزم اجتنابه قال تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (?).

وقال صلى الله عليه وسلم: "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ" (?).

وقد ذهب الجمهور من أهل الأصول ومن الحنفية والشافعية والمحدثين إلى أن الشيء المعين إذا أمر به كان ذلك الأمر نهيًا عن الشيء المعين المضاد له (?) سواء كان الضد واحدًا -كما إذا أمره بالإيمان فإنه يكون نهيًا عن الكفر، وإذا أمره بالحركة فإنه يكون نهيًا عن السكون- أو كان الضد متعددا كما إذا أمره بالقيام فإنه يكون نهيا عن القعود والاضطجاع والسجود وغير ذلك، فالكف عن الضد لازم للأمر لزوما لا ينفك، إذ لا يصلح الأمر بحال إلا مع الكف عن ضده، فالأمر مستلزم ضرورة النهي عن ضده لاستحالة اجتماع الضدين.

والحاصل أن الأمر بإعفاء اللحية يفهم منه النهي عن حلقها واستئصالها أو تقصيرها بحيث تكون قريبة إلى الحلق، والعلم عند الله تعالى.

وإذا كان النهي عن إزالة اللحية مأخوذا هنا بطريق الالتزام، إلا أنه ورد ما يشعر بالنهي الصريح في حديث أبي ريحانة رضي الله عنه قال: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَشْرَةٍ: عَنِ الْوَشْرِ، وَالْوَشْمِ، وَالنَّتْفِ" الحديث (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015