فلا ينقاد لما وصاه به فلا يحسن إلى الوالدين- فاتباع العبد أبويه في مخالفة الشرع لأجل الإحسان اليهما يقضي إلى ترك الإحسان إليهما، فترك هذا الإحسان صورة يفضي إلى الإحسان حقيقة (?).
ثم قال تعالى: {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (?) يعني عاقبتكم ومآلكم إلي، وإن كان اليوم مخالطتكم ومجالستكم مع الآباء والأولاد والأقارب والعشائر، ولا شك أن من يعلم أن مجالسته مع واحد خالية منقطعه وحضوره بين يدي غيره دائم غير منقطع لا يترك مراضى من تدوم صحبته لرضا من يتركه في زمان آخر (?) اهـ.
وقال الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله: إن من أسباب استقامة القلب أن تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحاب، فإذا تعارض حب الله تعالى وحب غيره سبق حب الله تعالى حب ما سواه، فرتب على ذلك مقتضاه، وما أسهل هذا بالدعوى، وما أصعبه بالفعل، فعند الإمتحان يكرم المرء أو يهان، وما أكثر ما يقدم العبد ما يحبه هو ويهواه أو يحبه كبيره وأميره وشيخه وأهله على ما يحبه الله تعالى، فهذا لم تتقدم محبة الله تعالى في قلبه جميع المحاب، ولا كانت هي الملكة المؤمرة عليها، وسنة الله تعالى فيمن هذا شأنه أن ينكد عليه محابه وينغصها عليه ولا ينال شيئا منها إلا بنكد وتنغيص، جزاء له على إيثار هواه وهوى من يعظمه من الخلق أو يحبه على محبة الله تعالى، وقد قضى الله تعالى قضاء لا يرد ولا يدفع: أن من أحب شيئا سواه عذب به ولا بد، وأن من خاف غيره سلط عليه، وأن من اشتغل بشيء كان شؤما عليه، ومن آثر عليه غيره لم يبارك فيه، ومن أرضى غيره بسخطه أسخطه عليه ولابد (?) اهـ.