فَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْهُ انْزَجَرَ عَنْهُ , فَإِنْ تَابَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَا زَجَرَهَا عَنْهُ , فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِبَالٍ , وَأَنَّ هَذِهِ نَفْسٌ مَرْحُومَةٌ , فَلْيَشْكُرِ اللَّهَ الْكَرِيمَ عَلَى ذَلِكَ. أَلَمْ تَسْمَعُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى مَا أَخْبَرَكُمْ مَوْلَاكُمُ الْكَرِيمُ عَنْ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ , وَهُوَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ , قَوْلَهُ: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: 53] , فَيُقَالُ: إِنَّ النَّفْسَ الْأَمَّارَةَ الْمَرْحُومَةَ هِيَ الْمَعْصُومَةُ الَّتِي عَصَمَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ النَّفْسَ إِذَا رَكِبَتْ مَا تَهْوَى مِمَّا قَدْ نُهِيَتْ عَنْهُ , فَإِنَّهَا سَتَلُومُ صَاحِبَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ , تَقُولُ: لِمَ فَعَلْتَ؟ لِمَ قَصَّرْتَ؟ لِمَ بَلَّغْتَنِي مَا أُحِبُّ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ فِيهِ عَطَبِي؟ أَلَمْ تَسْمَعُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 1] الآية فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ هَذَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ نَفْسِهِ أَشَدَّ