ادب الموعظه (صفحة 61)

ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة في قصة الشاب الذي استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا، فتدرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في خمسة أسئلة حتى اقتنع الفتى بحرمة الزنا، وخرج وقد طابت نفسه.

قال أبو أمامة رضي الله عنه: "إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا؛ فأقبل القوم عليه، فزجروه، قالوا: مه مه، فقال: "ادنه"، فدنا قريبا، قال: فجلس، قال: "أتحبه لأمك؟ ", قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم"، قال: "أفتحبه لابنتك؟ ", قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لبناتهم"، قال: "أفتحبه لأختك؟ ", قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لأخواتهم"، قال: "أفتحبه لعمتك؟ ", قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لعماتهم"، قال: "أفتحبه لخالتك؟ ", قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لخالاتهم".

قال: فوضع يده عليه، وقال: "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه"؛ فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء"1.

26ـ براعة الأسلوب، ومراعاة مقتضيات الأحوال: فذلك مما يأخذ بالألباب، ويجعل الموعظة تأخذ طريقها إلى القلوب؛ فالعمل على إنقاذ النفوس من أودية الغواية، والإقبال بها إلى مطالع السعادة مسلك وعر، ولا يمر فيه على استقامة تامة إلى من بلغ في صناعة البيان أمدا قصيا.

ولا يكفي في الدعوة أن يكون في يد القائم بها حجة، أو موعظة يليقها في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015