ادب الموعظه (صفحة 42)

أدواء الناس، وينظر أحوالهم، ثم ينزل موعظته على ما يلائم تلك الأحوال من مراعاة الأهم فالمهم.

وهكذا كانت سيرة الأنبياء مع أقوامهم؛ فهم ـ عليهم السلام ـ ينظرون في أحوال أقوامهم، فيأمرونهم بالمعروف الذي أخلوا به، أو يحذرونهم من المنكر الذي وقعوا فيه.

فذلك من حكمة الدعوة، ومما يحسن بالواعظ ألا يغفله؛ إذ لا يليق به أن يحدث الناس إلا بما يحتاجون إليه، كما لا يحسن به أن يحدثهم عن أمر وهم محتاجون إلى غيره أشد من حاجتهم إليه، وذلك كحال من يحدثهم عن أدب من الآداب، أو سنة من السنن وهم غارقون في الشرك إلى الأذقان.

فهؤلاء محتاجون إلى بيان التوحيد، وخطر الشرك أشد من حاجتهم إلى غيره، وهكذا ...

ولا يعني ذلك ألا يتكلم إلا بالتوحيد وفصوله وأبوابه، أو عن الشرك، ووسائله وذرائعه ونحو ذلك.

وإنما المقصود بيان الأهم فالمهم وذلك يختلف من مكان إلى مكان، ومن أناس إلى أناس.

ولهذا كان جميع الأنبياء ـ عليهم السلام ـ يقولون لأقوامهم: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:59] .

كما قال الله ـ عز وجل ـ {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36] .

ومع ذلك لم يغفلوا ما وقعت به تلك الأمم من المخالفات الأخرى؛ فهذا لوط ـ عليه السلام ـ يقول لقومه: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015