ادب الموعظه (صفحة 38)

أما إذا كان المكان مهيأ والناس مستعين لسماع الموعظة فلا بأس بإلقائها وإن كان بعضهم مشتغلا عنه.

جاء في صحيح البخاري عن عكرمة عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: "ولا ألفينك تأتي القوم, وهم في حديث من حديثهم, فتقص عليهم, فتقطع عليهم حديثهم, فتملهم, ولكن أنصت فإن أمروك فحدثهم وهم يشتهونه."1

قال ابن حجر-رحمه الله- في شرح كلام ابن عباس-رضي الله عنهما-: "وفيه كرهة التحديث عند من لا يقبل عليه, والنهي عن قطع حديث غيره, وأنه لا ينبغي نشر العلم عند من لا يحرص عليه, ويحدث من يشتهي بسماعة؛ لأنه أجدر أن ينتفع بع."2

وعقد الخطيب البغدادي- رحمه الله- في كتابه الجامع بابا عنوانه: "باب كراهة التحديث لمن لا يبغيه وأن من ضياعه بذاله لغير أهله."

ثم ساق جملة من الآثار في هذا.

ومن ذلك ما رواه بسنده عن مسروق-رحمه الله- قال: "لا تنشر بزك إلا عند من يبتغيه."

قال الإمام أحمد-رحمه الله- "يعني الحديث."3

وساق بسنده عن مطرف-رحمه الله- أنه قال: "لا تطعم طعامك من لا يشتهيه."

أي لا تحدث بالحديث من لا يريده.4

وروي عن مغيرة –رحمه الله- قال: "إني لأحتسب في منعي الحديث كما تحتسبون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015