الموعظة إلا إذا اقتضى المقام غير ذلك.
وهكذا كانت خطب النبي- صلى الله عليه وسلم- فما كان يطيل؛ لأنه يخشى على الناس الملل.
وكانت خطبه مع قصرها مليئة بالحكمة, والموعظة الحسنة؛ إذ تجيئ حافلة بجوامع الكلم, والجمل التي تجري على الألسنة مجرى الأمثال.1
جاء في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة- رضي الله عنه قال: "كنت أصلى مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فكانت صلاته قصدا, وخطبته قصدا."2
ومعنى "قصدا": أي متوسط بين الإفراط والتفريط وبين التقصير والتطويل.3
وفي صحيح مسلم عن أبي وائل قال: "خطبنا عمار فأو جز, وأبلغ, فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان! لقد أبلغت, وأوجزت, فلو كنت تنفست!
فقال: "إني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن طول صلاة الرجل, وقصر خطبته مئنة من فقهه؛ فأطيلوا الصلاة, وأقصروا الخطبة, وإن من البيان سحرا." 4
ومعنى قوله: "لو كنت تنفست": أي أطلت قليلا.
ومعنى: "مئنة من فقه": أي علامة.5
ومع أن هذا هو دأب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في خطبة- فهو يطيل في بعض الأحيان متى اقتضى الحال الإطالة.
جاء في صحيح مسلم عن عمرو بن أخطب-رضي الله عنه- قال: "صلى بنا رسول الله