الثالث: إذا لم يجد صاحب الواقعة مفتيًا ولا أحدًا ينقل له حكم واقعته، لا في بلده ولا في غيره فماذا يصنع؟ قلت: هذه مسألة فترة الشريعة الأصولية1، والسبيل في ذلك كالسبيل فيما قبل ورود الشرائع، والصحيح في كل2 ذلك القول بانتفاء التكليف عن العبد، فإنه3 لا يثبت في حقه حكم، لا إيجاب، ولا تحريم، ولا غير ذلك، فلا يؤاخذ إذن صاحب الواقعة بأي شيء صنعه فيها، وهذا مع تقرره4 بالدليل المعنوي الأصولي، يشهد له حديث حذيفة5 بن "اليمان"6 رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام، ولا صلاة، ولا نسك، ولا صدقة، ويسرى على كتاب الله تعالى في ليلة, فلا7 يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله8، فنحن نقولها". فقال صلة بن زفر9، لحذيفة: "فما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة، ولا