ومهما أمكنه الفرق بين المسألتين لم يجز له على الأصح التخريج، ولزمه1 تقرير النصين على ظاهرهما معتمدًا على الفارق، وكثيرًا ما يختلفون في القول بالتخريج في مثل ذلك لاختلافهم في إمكان الفرق2، والله أعلم.

الحالثة الثالثة3: أن لا يبلغ رتبة أئمة المذهب أصحاب الوجوه والطرق، غير أنه فقيه النفس4 حافظ لمذهب إمامه، عارف5 بأدلته، قائم بتقريرها، وبنصرته، يصور، ويحرر، ويمهد، ويقرر، ويزيف، ويرجح، لكنه قصر عن درجة أولئك، إما لكونه لم يبلغ في حفظ المذهب مبلغهم، وإما لكونه لم يرتضي في التخريج والاستنباط كارتياضهم، وإما لكونه غير متبحر في علم أصول الفقه على أنه لا يخلو مثله في ضمن ما يحفظه من الفقه ويعرفه من أداته6، على أطراف من قواعد أصول الفقه، وإما لكونه مقصرًا في غير ذلك من العلوم التي هي أدوات الاجتهاد الحاصل لأصحاب الوجوه والطرق. وهذه صفة كثير من المتأخرين إلى أواخر المائة الخامسة7 من الهجرة المصنفين الذين رتبوا المذهب وحرروه وصنفوا فيه تصانيف بها معظم اشتغال الناس اليوم، ولم يلحقوا بأرباب الحالة الثانية في تخريج الوجوه، وتمهيد الطرق في المذهب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015