مذاهبهم نحو نظرهم في مذاهب من قبلهم، فسبرها وخبرها وانتقدها، واختار أرجحها، ووجد من قبله قد كفاه مؤنة التصوير والتأصيل فتفرغ للاختيار والترجيح والتنقيح والتكميل، مع كمال آلته وبراعته في العلوم، وترجحه في ذلك على من سبقه، ثم لم يوجد بعده من بلغ محله في ذلك، كان مذهبه أولى المذاهب بالاتباع والتقليد، وهذا مع ما فيه من الإنصاف والسلامة من القدح في أحد من الأئمة جلي واضح، إذا تأمله العامي قاده إلى اختيار مذهب الشافعي والتمذهب به1. والله أعلم.
"الرابعة": إذا اختلف عليه فتوى مفتيين، فللأصحاب فيه أوجه2:
أحدهما: أنه يأخذ بأغلظها، فيأخذ بالحظر دون الإباحة، لأنه أحوط، ولأن الحق ثقيل.
"والثاني": يأخذ بأخفهما3، لأنه صلى الله عليه وسلم: "بعث بالحنفية4 السمحة السهلة"5.