اختلف عليه اجتهاد اثنين فبماذا يعمل1؟ وفيه خلاف مشهور، وهذا غير مستقيم.
أما قوله أولا: يختار له الحاكم. فهو فاسد لما ذكرناه، ولأن الحاكم إذا لم يكن أهلا للفتوى، وذلك هو الغالب في زمان من ذكرنا عنه ما ذكرناه، فقد رده إلى رأي من لا رأيَ له، وأحاله على عاجز حاجته في ذلك إلى فتياه كحاجة من استفتاه.
وأما قوله ثانيًا: يبنى ذلك على الخلاف فيما إذا اختلف عليه اجتهاد مفتيين في2 فتواهما فهل يتخير بين فتويهما3، أو يأخذ بالأخف، وبالأغلظ؟
فهذا فيه إحواج للمستفتي إلى أن يستفتي مرة أخرى ويسأل عن هذا أيضًا لأنه لا يدري أن حكمه التخيير، أو الأخذ بالأخف أو الأغلظ؟
فلم يأت إذن بما يكشف عن عمايته، بل زاده عماية وحيرة، على أن الصحيح في ذلك على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى: إنه يجب عليه الأخذ بقول الأوثق منهما، وإذا قال: فيه خلاف، ولم يعين القائلين لم يتهيأ له فيه، وهذه حالته4 البحث عن الأوثق من القائلين. والله أعلم.