تفصيله وتعيينه، وليس البحث عنه من شأننا بل نكل علم تفصيله إلى الله تعالى ونصرف عن الخوض فيه قلوبنا وألسنتنا، فهذا ونحوه عند أئمة الفتوى هو الصواب في ذلك، وهو سبيل سلف الأئمة، وأئمة المذاهب المعتبرة، وأكابر الفقهاء والصالحين، وهو أصون وأسلم للعامة وأشباههم ممن يدغل قلبه بالخوض في ذلك، ومن كان منهم اعتقد اعتقادًا باطلًا تفصيلا ففي إلزامه بهذا صرف له عن ذلك الاعتقاد الباطل بما هو أهون وأيسر وأسلم، وإذا عزر ولي الأمر من حاد منهم عن هذه الطريقة فقد تأسى بعمر بن الخطاب رضي الله عنه ... والمتكلمون من أصحابنا معترفون بصحة هذه الطريقة، وأنها أسلم لمن سلمت له، وكان الغزالي منهم في آخر عمره شديد المبالغة في الدعاء إليها والبرهنة عليها1.
"ومن فتاويه أنه سئل عمن يشتغل بالمنطق والفلسفة فأجاب: الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة، ومن تفلسف، عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين، ومن تلبس بها، قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، إلى أن قال: واستعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من المنكرات المستبشعة، والرقاعات المستحدثة، وليس بالأحكام الشرعية -ولله الحمد- افتقار إلى المنطق أصلا، هو قعاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن، فالواجب على السلطان أعزه الله أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم"2. فعقيدة ابن الصلاح رحمه الله تعالى عقيدة سليمة من كل زيغ وضلال عقيدة سلفية نظيفة بعيدة عن علم الكلام والجدل والتأويل وغير ذلك من الآفات التي تبعد المسلمين عن الصواب في عقيدتهم.