" والله يا معشر الأنصار، لو شئتم أن تقولوا: إنا آويناكم وشاركناكم في أموالنا ونصرناكم بأنفسنا لقلتم، وإن لكم من الفضل ما لا نحصيه عدداً وإن طال به الأمد، فنحن وأنتم كما قال الغنوي:
جزى الله عنا جعفراً حين أزلقت ... بنا نعلنا في الواطئين فزلت
أبوا أن يملونا، ولو كانت أمنا ... تلاقي الذي يلقون منا لملت
هم أسكنونا في ظلال بيتهم ... ظلال بيوت أدفأت وأكنت "
ثم توفي أبو بكر رضي الله عنه، وقام عمر بعده، فأتى أبو هريرة بمال من البحرين، وكان مبلغه ثمانمائة ألف درهم، وفي أخرى خمسمائة ألف درهم فخطب الناس فقال: " إنه قد جاءكم مال، فإن شئتم كلته لكم كيلاً، وإن شئتم عددنا لكم عدداً "، فقال له الفيرزان - وروي أن غيره قال له - إن العجم تدون ديواناً لهم يكتبون فيه الأسماء وما لواحد واحد. فأمر باتخاذ الديوان.
وقد روي أن عمر بعث بعثاً فقال له الفيرزان: إن تخلف من هذا البعث أحد كيف تصنع به وكيف يعلم عاملك بخبره؟ قال: فما ترى؟ فأشار بالديوان فعمله، وجعل المال في بيت مال، وجعل الأرزاق مشاهرة، وكل ذلك برأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتماع منهم فكان هذا أوله. ثم كثر المال عليه، فقالوا: بمن تبدأ؟ قال: أشيروا علي. فقالوا: أبدأ في الكتاب والقبض بنفسك. فقال: بل بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب عائشة في اثني عشر ألفاً في كل سنة، وكتب سائر أزواج النبي صلى الله