رَسْمُه ويعفُوَ أثره؛ جعلت له حظاً من عِنايتي، وجزءاً من تأليفي؛ فعملتُ لمُغْفِل التأديب كُتُباً خفافاً في المعرفة، وفي تقويم اللسان واليد، يشتمل كلُّ كتاب منها على فن، وأعفيته من التطويل والتثقيل؛ لأنشطه لتحفُّظِه ودراسته إن فاءَتْ به همتهُ وأُقيد عليه بها ما أضلَّ من المعرفة، وأستظهر له بإعداد الآلة لزمان الإدالة أو لقضاء الوَطَر عند تبيّن فَضْل النظر، وألحقه - مع كَلال الحد ويُبْس الطينة - بالمُرْهَفِين، وأدخله - وهو الكَوْدَن - في مِضمار العِتَاق.
وليست كتبنا هذه لمن لم يتعلق من الإنسانية إلا بالجسم، ومن الكتابة إلا بالاسم، ولم يتقدم من الأداة، إلا بالقلم والدواة، ولكنها لمن شَدَا شيئاً من الإعراب: فعرف الصَّدْرَ والمصدر والحال والظرف، وشيئاً من التصاريف والأبنية، وانقلاب الياء عن الواو، والألف عن الياء، وأشباه ذلك.
ولا بد له - مع كتبنا هذه - من النظر في الأشكال لمساحة الأرَضِينَ، حتى يعرف المثلث القائم الزاوية، والمثلث الحادَّ، والمثلث المنفرج، ومساقِطَ الأحجار، والمربَّعات المختلفات، والقِسِي والمدورات، والعَمودَين، ويمتحن معرفته بالعمل في الأرَضِينَ لا في الدفاتر، فإن المَخْبَرَ ليس كالمُعايَنِ؛ وكانت العجم تقول: " من لم يكن عالماً بإجراء