ويقول حطان بن علي وهو يحرص على رعاية بناته:
أنزلني الدهر على حكمه ... من شامخ عال إلى خفض
وغالني الدهر بوفر الغنى ... فليس لي مال سوى عرضي
أبكاني الدهر ويا ربما ... أضحكني الدهر بما يرضى
ولولا بنات كزغب القطا ... رددن من بعض إلى بعض
لكان لي مضطرب واسع ... في الأرض ذات الطول والعرض
وإنما أولادنا بديننا ... أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم ... لامتنعت عيني من الغمض1
وهكذا اهتم شعر الصحابة والتابعين بتأديب الأطفال ورعايتهم مما يضيق عنه هذا البحث والمقام، وأما النثر الفني فقد كان مساحته أكثر وأعمق وأعظم عندهن، وأكثر تأثرا بالقرآن الكريم والسنة الشريفة، وسنقتصر على شواهد قليلة للاستدلال بها -فقط- على اهتمام أدبنا العربي القديم بالأطفال دفعا للاتهام الموجه إليه من الباحثين المحدثين.
ومما رواه ابن سلام أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- استعمل رجلا على عمل، فرأى هذا الرجل سيدنا عمر يقبل صبيا له، فقال له: تقبله وأنت أمير المؤمنين، لو كنت أنا ما قبلته، فقال سيدنا عمر -رضي الله عنه: فما ذنبي إن كان الله نزع من قلبك الرحمة، إن الله لا يرحم من عباده إلا الرحماء، ثم نزعه عن عمله وعلل لعزله بقوله: أنت لا ترحم ولدك فكيف ترحم الناس2.
ويقول عتبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده3:
"ليكن أول ما تبدأ به من إصلاحك بني إصلاحك نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت، علمهم كتاب الله ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم منه فيهجروه، ثم