الأمة الإسلامية".
واتخذ الإسلام في تحقيق ذلك منهجا وسلوكا طريقين:
أحدهما: تهذيب النفس وتأديبها، وتقويم اللسان وبلاغته، والسمو بالعاطفة، والرقي بالوجدان والمشاعر وإثراء الخواطر، وتعميق الأفكار، وغير ذلك مما يغرسه وينميه أدب القرآن الكريم وبلاغته التي وصلت إلى حد الإعجاز في التصوير القرآني {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} 1، وقال تعالى أيضا: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} 2.
ومما يرقى به أيضا أدب الحديث النبوي الشريف الذي خص الله عز وجل نبيه بجوامع الكلم: "أوتيت جوامع الكلم" لأنه أدبه ربه فأحسن تأديبه، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} 3، وقال أيضا: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} 4.
ثانيهما: اهتمت شريعة الإسلام بتأديب الطفل وتهذيبه والسمو به في عاطفته ووجدانه وعقله وفكره وسلوكه وتربيته على مراحل كثيرة ومتنوعة، لا تقتصر على مراحل وجوده فحسب، بل اهتمت به قبل وجوده في مرحلة العدم وقبل أن يكون جنينا في بطن أمه، من مرحلة الخطبة والاختيار، ثم بعد الزواج وقبل أن تحمل الأم به، ثم أثناء الحمل وهو جنين وحسن استقباله حين الوضع، وفي تمام الأسبوع الأول من الولادة، وفي أثناء الرضاعة، وفي الحضانة، وفي مرحلة التعليم، ومرحلة الشباب، ومرحلة المراهقة، ومرحلة النضج، ومرحلة الرجولة، ثم