وتصويب رسول الله صلى الله عليه وسلم للفريقين دليل على مشروعية كل من المذهبين.
فالمسلم اذن، له أن يأخذ بظاهر النص وله ان يستنبط من المعاني ما يحتمله النص وبمكن التدليل عليه ولا لوم على من بذل جهده وكان مؤهلا لهذا النوع من الجهد. فالفريق الثاني من الصحابة رضوان الله عليهم فهموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انما اراد أن يأمرهم بالمبالغة في الاسراع ولذلك اعتبروا أن اداءهم الصلاة قبل الوصول الى بني قريظة لا ينافي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة في بني قريظة ما دامت الصلاة لن تؤخرهم عن الوصول. ومن الطريف أن ابن القيم رحمه الله أورد اختلاف الفقهاء في تصويب أي من الفريقين، وبيان الافضل من فعل كل منهما، فمن قائل: ان الافضل فعل من صلى في الطريق فحاز قصب السبق في أداء الصلاة في وقتها وتلبية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قائل: ان الافضل فعل من أخرها ليليها في بني قريظة ... (?) .
قلت: وما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعنف واحدا منهما فكان على الفقهاء رحمهم الله ان يسعهم ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وألا يخوضوا في أمر قد تولى، عليه الصلاة والسلام، حسمه والانتهاء منه.