وسمعوا احاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم بما سبق اليهم وأتوا به من اختلاف الناس فدع الناس وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم. فقال الخليفة: وفقك الله يا أبا عبد الله» (?) .
فأي رجل هذا الامام الجليل الذي يأبى أن يحمل الناس على الكتاب الذي أودع فيه أحسن ما سمع من السنة، وأقوى ما حفظ وأدرك من العلم الذي لا اختلاف فيه عند أهل المدينة وذلك الحشد من علماء عصره.
ولعل من أفضل وأحسن أمثلة أدب الاختلاف تلك الرسالة العلمية الرائعة التي بعث بها فقيه مصر وامامها وعالمها الليث بن سعد الى الامام مالك، يعرض عليه فيها وجهة نظره في أدب جم رفيع حول كثير مما كان الامام مالك يذهب اليه ويخالفه فيه الليث بن سعد، ونظرا لطول الرسالة نقتطف منها ما يشير الى ذلك الادب الرفيع الذي اختلف فيه ظله سلف هذه الامة، وكرام علمائها، يقول الليث بن سعد:
« ... سلام عليك، فاني احمد الله الذي لا اله الا هو أما بعد: عافانا الله وإياك، وأحسن لنا العاقبة في الدنيا والآخرة، قد بلغني كتابك تذكر فيه من صلاح حالكم الذي يسرني، فأدام الله ذلك لكم، وأتمه