بقوله صلى الله عليه وسلم: «بلِّغوا عني ولو آية» (?) . قال المعافى النهرواني (?) : (ولو آية، أي واحدة ليسارع كلُّ سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآي ولو قلَّ، ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم) (?) .

وقد مارس النبيُّ صلى الله عليه وسلم التفويض ممارسة عملية في حياته الدعوية، حين أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة معلماً، وعليَّ بن أبي طالب إلى اليمن داعية، ومعاذ بن جبل إلى اليمن أيضاً داعية وقاضياً، والعلاء بن الحضرمي ومن بعده أَبَان بن سعيد إلى البحرين والياً، كل ذلك لتحقيق هدف نشر الإسلام وتعليمه للناس، وإقامة دولة الإسلام على دعائم إيمانية راسخة، فصنع بذلك أمة استطاعت أن تخرج في فترة زمنية وجيزة من بوتقة التشرذم والتبعية والتقوقع داخل الجزيرة العربية، لتفتح أقطار الدنيا وتبثَّ الدعوة الإسلامية في شتى ممالك الأرض في ذلك الحين.

3 - تقسيم العمل وتحديد الاختصاصات:

لا شك بأن إسناد الأعمال لأهل الدراية بها والخبرة فيها يسهم بشكل فاعل في إنجازها على الوجه الصحيح، ما يوفر الكثير من الوقت والجهد والمال، لذا فقد جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم التحذير من إسناد الأمور إلى غير أهلها وعَدَّه من تضييع الأمانة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ضُيِّعَت الأمانة فانتظر الساعة» قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: «إذا أُسنِد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة» (?) . وقال صلى الله عليه وسلم - مثبتًا منقصة الخيانة لمن حابى في تولية من ليس أهلاً للولاية -: «من استعمل رجلاً من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين» . (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015