نلحظ في الآيات السابقة أن الله عزَّ وجلَّ أقسم بالوقت مُمثَّلاً في بعض أجزائه؛ فالليل صِنْو النهار، والفجر أول النهار، والشفق أول الليل، والضحى ما بين الغدو والزوال، ولله سبحانه أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، قال الفخر الرازي في تفسير قول الله تعالى: {وَالْعَصْرِ *إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ *} (?) . "إن الدهر والزمان في جملة أصول النعم؛ فلذلك أقسم الله به، ولأن الزمان والمكان هما أشرف المخلوقات عند الله، كان القسم بالعصر قسماً بأشرف النصفين من ملك الله وملكوته" (?) . ويقول الشيخ يوسف القرضاوي: "من المعروف لدى المفسرين، وفي حس المسلمين، أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه، فذلك ليلفت أنظارهم إليه، وينبِّهَهم على جليل منفعته وآثاره" (?) .
ثالثاً: ارتباط الوقت بالغاية من الخلق
خُلق الإنسان لغاية نبيلة وهدف سامٍ ألا وهو عبادة الله وعمارة هذه الأرض، وبين هذه وتلك تدور حياة المسلم، فهو بين العبادة والسعي في الأرض، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ *} (?) . أي "إلا ليُقِرُّوا بعبادتي طوعاً أو كرهاً " (?) . وقال سبحانه أيضاً: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ} (?) . أي "جعلكم تعمرونها جيلاً بعد جيل وقرناً بعد قرن وخلفاً بعد سلف" (?) .
وقد ارتبطت العبادات جميعها بمواعيد ومواقيت محددة من قبل العزيز الحميد، مما يرفع من أهمية الوقت في حياة المسلم، وعلى رأس تلك العبادات الصلوات الخمس، التي قال الله فيهن: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (?) . أي " مفروضة لوقت بعينه" (?) . فالصلاة