واما بَاب النصح فَتكون نِيَّته وَسيرَته ومذهبه فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ان امور الامة كلهَا لَو اجريت على مَا فِي ضَمِيره وسريرته لاحب انها رشدت امورها واطاعت رَبهَا وَصَارَ الى كل وَاحِد مِنْهُم حَظه من الْحق وَالْعدْل
فَإِن كَانَت هَذِه سيرته فِي خاصته وعَلى هَذَا نِيَّته فِي الْعَامَّة رَجَوْت انه فِي كل امْر جليل ونعمة عَظِيمَة لَا يعلم قدرهَا الا الله تَعَالَى
وان خَالَفت سيرته فِي خاصته وعامته هَذَا الْوَصْف فَلَا حَظّ لَهُ فِي النصح الْخَاص وَلَا الْعَام وَكَانَ مَا يَدعِي انه يضمر وَيَنْوِي فِي سَرِيرَته من نصح الْخَاصَّة والعامة مردودا عَلَيْهِ غير مَقْبُول مِنْهُ
وَلَا نَعْرِف فِي ابواب الْعلم حَدِيثا اجْمَعْ فِي الاشياء كلهَا من هَذَا الحَدِيث وَهُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدّين النَّصِيحَة وَلَا اقْربْ وَلَا اقصد قصدا وَلَا احسن فِي اعمال الْبر كلهَا حسنا وَلَا بطرِيق الصَّالِحين اشد اتبَاعا من هَذَا الحَدِيث وَلَا احوط فِي الْحق وَالْعدْل وَلَا ارضى عِنْد الْخَاصَّة والعامة وَهُوَ ان تحب للنَّاس مَا تحب لنَفسك وَتكره للنَّاس مَا تكرههُ لَهَا
والنصح اصله من اعمال الْقُلُوب وفروعه من اعمال الْجَوَارِح فَرُبمَا اجري بِالْقَلْبِ ولربما لم يجر الا بِاللِّسَانِ وَرُبمَا لم يجر الا بِالْقَلْبِ وَاللِّسَان والجوارح