قد اصغيت بأذنيك الى امامك وتخشعت بوقوفك وفرغت قَلْبك لاستماع مَا يقرا امامك من كَلَام رَبك فِي صَلَاة فريضتك الَّتِي لَيْسَ شَيْء اوجب عَلَيْك مِنْهَا فَرَجَعت مِنْهَا وَقد ظهر مِنْك مَا وَصفنَا وانت كمن لم يشهدها لقلَّة ضبطك بالمراجعة لنَفسك فِيهَا
وَلَعَلَّ الَّذِي حضرت مِنْهَا بقلبك اَوْ عقلته فَلم تسه عَنهُ لَو قيل لَك اتحب ان يكون ذَلِك مِنْك كَمَا كنت سَاهِيا وَلَك مائَة الف دِينَار لَقلت لَا
فاعتن الْآن بتعاهد هَذِه الْمُرَاجَعَة على قدر مَا عرفت من حَاجَتك اليها فَإِنَّمَا لَك من عمرك تيقظك وتيقظك مُرَاجعَة مَا فِيهِ منفعك وقربتك والمصير اليه بِالْعقلِ وَمَا سوى ذَلِك غَفلَة وسهو يؤديان الى شَهْوَة فِيهَا غليان قَلْبك وَفِي ذَلِك مُوَافقَة نَفسك الامارة بالسوء والهوى المضل عَن سَبِيل الله الْعَادِل بأَهْله عَن طَرِيق محبته وَفِي ذَلِك توثب الْعَدو الْخَبيث الَّذِي لَا يألوك خبالا الَّذِي يجْرِي مِنْك مجْرى الدَّم الَّذِي يراك هُوَ وقبيله من حَيْثُ لَا تراهم
قَالَ مَالك بن دِينَار قُلُوب الابرار تغلي بأعمال الْبر وَقُلُوب الْفجار تغلي بأعمال الْفُجُور فتعاهد أَمرك بالمراجعة فَإِن دأبت مَكْرُوها