وَإِذ يَقُول نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو عدلت الدُّنْيَا عِنْد الله جنَاح بعوضة مَا سقى كَافِرًا مِنْهَا شربة مَاء
وَاعْلَم ان المعتقد لحبها وَهُوَ عَالم بهَا لَا يُؤمن عَلَيْهِ أَن تستولي على قلبه فتملكه فَيَأْخُذ بعد الْحَلَال الشُّبُهَات وَبعد الشُّبُهَات الْحَرَام
وَاعْلَم أَن المعتقد لحبها وَغير المعتقد يأتيان على حاجتهما واعتقاد حب الدُّنْيَا من الْحَلَال وَهن فِي قُلُوب العارفين وَلَا يزِيد ذَلِك فِي رزق المعتقد وَلَا ينقص من رزق الَّذِي لَا يعْتَقد الْمحبَّة
وَاعْلَم ان الْعباد إِنَّمَا أمروا بالاشتغال بِالْعلمِ من الْجَهْل وبالعمل بالاخلاص وَلَا تنَال هَذِه الدرجَة حَتَّى تكون بِحَالَة لَو قدرت ان تتْرك مَا تحْتَاج اليه مِنْهَا لتركته
وَأما الشّبَه الاخرى الَّتِي يكرهها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فطمعك فِي الْقدر والجاه وَالثنَاء عِنْد المخلوقين وخوفك من سُقُوط منزلتك عِنْد المخلوقين وَذَلِكَ مِمَّا يسْقط منزلتك عِنْد الله عز وَجل
فاهل الْمعرفَة بِاللَّه وَأهل الْإِرَادَة يكْرهُونَ أَن يراهم الله سُبْحَانَهُ وَقد اعتقدوا من ذَلِك شَيْئا
حملتهم الْمعرفَة بالاجلال لله وإيثار محبته على أَلا ينظر اليهم سيدهم