الاشياء لَا يرد مِنْهَا شَيْئا لانه لَا بُد ان يكون للقلب امل فِي هَذَا الْعَمَل الَّذِي اراده وهم بِهِ والانسان اكثر شَيْء نِسْيَانا واكثر النسْيَان فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَن هَذِه الاشياء الَّتِي جَاءَت بهَا النَّفس والهوى الى الْقلب مِمَّا ذكرنَا من الثَّنَاء والمحمدة والرفق وَالْقدر والجاه والرئاسة والمنزلة كلهَا مِمَّا يتحلى بِهِ الْقلب ويشتهيه ويرغب فِيهِ فَلذَلِك تكْثر الْغَفْلَة وَالنِّسْيَان للارادة الصادقة
وَلَو كَانَ مَكَان الَّذِي يستحليه الْقلب ويشتهيه مرَارَة وكراهية لما كَانَ يقبل النسْيَان والغفلة وَلَكِن حَيْثُ جَاءَت الْمُوَافقَة سكن الْقلب الى هَذِه الْخلال
فَمن شَاءَ الله عز وَجل ان ينعم عَلَيْهِ حَتَّى تكون الارادة الصادقة امام الْهوى وشهوة النَّفس وَحَتَّى يُرِيد بِالْعَمَلِ وَجه الله وَالدَّار الْآخِرَة فَفِي هَذَا يكون شغل الْقلب عِنْد ذَلِك وَفِيمَا يؤمل فِيهِ من رضى الله عز وَجل وثوابه وَمَا جَاءَت بِهِ النَّفس والهوى مِمَّا ذَكرْنَاهُ لم يقبله الْقلب ورده عَلَيْهِم فَفِي هَذَا اعظم النعم وعَلى صَاحبه اكثر الشُّكْر
وان كَانَت النَّفس والهوى والشهوة سابقات على الارادة الصادقة فَلَا بُد لصَاحِبهَا من الْوُقُوف وَالنَّظَر والفكر حَتَّى ينقي قلبه مِمَّا عرضت بِهِ النَّفس والهوى والشهوة وَيجْعَل ارادة الله مَكَان ذَلِك وامامه فيقبله