ويستعين بِسُرْعَة الْخُرُوج من الدُّنْيَا فَمَا اهون عِنْد من نزل منزلا وَهُوَ يُرِيد الارتحال مِنْهُ تَركه لجاره وَمَا اقل شفقته عَلَيْهِ وَمَا اشفق من نزل منزلا وَهُوَ يُرِيد الْمقَام فِيهِ واحرص على عِمَارَته
وَقَالَ ان الناسك ان لم يقبل الْحِكْمَة وَلَا الموعظة وَلَا النَّصِيحَة من الْعَدو وَالصديق وَالسَّفِيه والحليم فنسكه نسك الْمُلُوك
قلت ذكرت شَيْئا ينسي شَيْئا فَمثل أَي شَيْء هَذَا من الاشياء
قَالَ مثل الشِّبَع فَإِنَّهُ يهيج الشَّهْوَة وَيُورث الْقَسْوَة والبطر والثقل وَالنَّوْم
وَمثل كَثْرَة الْكَلَام فَإِنَّهُ يقسي الْقلب ويقل الْبَهَاء والمهابة ويعقم الْحِكْمَة وَيكثر السقط
وَمثل طول الامل فَإِنَّهُ ينسي الْآخِرَة وَيذكر الدُّنْيَا ويحسنها ويحببهما اليك وَيُورث الْحَسَد والتسويف وَيُقَوِّي الْهوى وَيكثر الشَّهَوَات
وَفِي هَذَا مَا تستدل بِهِ على اضداده فَإِذا فَكرت فِيهِ عرفت من الاشياء مَا يُورث الْخَيْر وَمَا يُورث الشَّرّ وكل شغل يشغل عَن غَيره من الاشغال لَان الْقلب وَاحِد لَا يُمكنهُ ان يشْتَغل الا بِشَيْء وَاحِد