السعي ركن من أركان العمرة، ومن أركان الحج، لا يتم واحد منهما إلا به؛ لما روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيها الناس! اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم).
فبعد أن يفرغ المعتمر من ركعتي الطواف فالسنة أن يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه، ثم يخرج من باب الصفا إلى المسعى، حتى إذا دنا من الصفا قرأ قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158]، فيبدأ بالصفا فيرقى عليه، حتى إذا رأى البيت كبر الله وهلله وحمده، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما أحب من أمر الدين والدنيا والآخرة، لنفسه ولمن شاء، واستحبوا أن يقول ما قاله ابن عمر على الصفا: اللهم إنك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني إلى الإسلام ألا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم، وكان يقول: اللهم اعصمنا بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك صلى الله عليه وسلم، وجنبنا حدودك، اللهم اجعلنا نحبك، ونحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك ونحب عبادك الصالحين، اللهم حببنا إليك وإلى ملائكتك وإلى أنبيائك ورسلك وإلى عبادك الصالحين، اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، واجعلنا من أئمة المتقين.
ولا يلبي على الصفا، ثم يعيد هذا الذكر ثانياً: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو، ثم يعيد الذكر ثالثاً، ثم يدعو.
فإذا فرغ من الذكر والدعاء نزل من الصفا متوجهاً إلى المروة فيمشي على سجية مشيه المعتاد حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر -المعلق بركن المسجد على يساره- قدر ستة أذرع، ثم يسعى سعياً سريعاً حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين والذي أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بدار العباس رضي الله عنه، ثم يترك السعي بسرعة ويمشي على عادته حتى يأتي المروة فيصعد عليها حتى يظهر له البيت إن ظهر، فيأتي بالذكر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو ويفعل كما فعل على الصفا، وهكذا يعود إلى الصفا ويرجع إلى المروة حتى يكمل سبع مرات؛ يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، ويستحب أن يدعو بين الصفا والمروة في مشيه وسعيه، ويستحب قراءة القرآن فيه، وهذه هي صفة السعي.