مقدمة المصنف بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. الحمد لله الذي أكرم خواص عباده بالألفة في الدين، ووفقهم لأكرم عباده المخلصين، ورزقهم الشفقة على المؤمنين، وزينهم بالأخلاق الكريمة والشيم المرضية، مقتدين في

مُقَدِّمَةُ الْمُصَنِّفِ -[37]- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَ خَوَاصَّ عِبَادِهِ بِالْأُلْفَةِ فِي الدِّينِ، وَوَفَّقَهُمْ لِأَكْرَمِ عِبَادِهِ الْمُخْلَصِينَ، وَرَزَقَهُمُ الشَّفَقَةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَزَيَّنَهُمْ بِالْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ وَالشِّيَمِ الْمَرْضِيَّةِ، مُقْتَدِينَ فِي أَفْعَالِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ وَصُحْبَتِهِمْ وَعَشِيرَتِهِمْ بِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَمُتَأَدِّبِينَ فِي آدَابِهِمْ بِخَاتَمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ تَأَدَّبَ هُوَ بِأَدَبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَمَسَّكَ بِلَطَائِفِ أَمْرِهِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] بِمَا نَدَبَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ، وَالْأَنْحَاءِ الْمَرْضِيَّةِ بِقَوْلِهِ: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159] وَمِنْ مَا وَصَفَهُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَكَرِيمِ الصُّحْبَةِ أَنْ قَالَ: {وَلَوْ كُنْتَ فَظَّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]

1 - وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى -[38]-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَهَّلَهُمْ لِهَذِهِ الرُّتْبَةِ السَّنِيَّةِ، وَأَكْرَمُهُمْ بِهَذِهِ الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ، وَهَدَاهُمْ إِلَى آدَابِ صُحْبَةِ الْإَخَوَانِ وَالْأَكَابِرِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَعَرَّاهُمْ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَالْأَخْلَاقِ الدَّنِيَّةِ، وَأَخْبَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ الَّذِي هَدَاهُمْ لِهَذِهِ الْآدَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63] فَالْأُلْفَةُ أَوْجَبَتِ الْأُخُوَّةَ، وَالْأُخُوَّةُ أَوْجَبَتْ حُسْنَ الْعِشْرَةِ وَكَرِيمَ الصُّحْبَةِ، وَاللَّهُ يُوَفِّقُ لِذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَيُعِينُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِفَضْلِهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ، إِنَّهُ وَلِيُّهُ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ سَيِّدِنَا الْمُصْطَفَى، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. وَاعْلَمْ أَنَّ أَدَبَ الصُّحْبَةِ وَحُسْنَ الْعِشْرَةِ عَلَى وُجُوهٍ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ فِي ذَلِكَ وُجُوهٌ مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْفَظَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ حَقَّ أُخُوَّتِهِ، وَحُسْنَ صُحْبَتِهِ وَعِشْرَتِهِ، وَأَنَا مُبِيِّنٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْقَائِلُ عَلَى مَا وَرَاءَهُ مِنْ حُرُمَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَعْظِيمِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخْلَاقِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَبْرَارِ وَالنُّجَبَاءِ وَالْأَخْيَارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015