لا بد للمحاور الناجح أن يتقن فن الاستماع (?) ، فكما أن للكلام فنًّا وأدبًا، فكذلك للاستماع، وليس الحوار من حق طرف واحد يستأثر فيه بالكلام دون محاوره، ففرق بين الحوار الذي فيه تبادل الآراء وبين الاستماع إلى خطبة أو محاضرة.
ومما ينافي حسن الاستماع: مقاطعة كلام الطرف الآخر، فإنه طريق سريع لتنفير الخصم إضافة إلى ما فيه من سوء أدب، كما أنه سبب في قطع الفكرة مما يؤثر في تسلسل الأفكار وترابطها، ويؤدي إلى اضطرابها ونسيانها. وقد ذكر العلماء في آداب المتناظرين: ألا يتعرض أحدهما لكلام الآخر حتى يفهم مراده من كلامه تمامًا، وأن ينتظر كل واحد منهما صاحبه حتى يفرغ من كلامه، ولا يقطع عليه كلامه من قبل أن يتمه.
والاستماع إلى الطرف الآخر وحسن الإنصات، تهيئ الطرف الآخر لقبول الحق، وتمهد نفسه للرجوع عن الخطأ.