أن حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم من حق أمه فثبت على ذلك , ثم اعتز وافتخر بانتسابه إلى هذا الدين , وأخيراً لم تؤثر فيه عاطفته تجاه أمه عندما بكت , ولم يفكر في التراجع , بل ازداد إصرارا على الثبات والعزة , وأراد من أمه أن تُعِز نفسها وتعلو بذاتها بدخولها الإسلام ولكنها أبت , ولله الأمر من قبل ومن بعد.
إن الفن الحقيقي في الحديث يكمن في حسن الاستماع , فسيجد المحاور قبولاً واحتراماً , وإنصاتاً من مُحاوره إن أوجد ذلك من قبل.
ولقد كان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - بارعاً في حسن الاستماع فقد أنصت لكلام أسيد بن حضير - رضي الله عنه - وهو واقفٌ عليه ومتشتماً , بل ويبدو أنه رافعٌ لصوته , فما قابل ذلك مصعبٌ - رضي الله عنه - إلا بحسن استماع وإنصات , وعندما انتهى أسيدٌ - رضي الله عنه - من كلامه , قال له مصعب - رضي الله عنه -: "أو تجلس فتسمع " (?) , فكأن لسان حاله يقول: فكما أني سمعت كلامك بإنصات فاسمع مني بإنصات كذلك. ومن خبر أمه - رضي الله عنه - كان في حسن استماع لها , مع أنها كانت تظهر له الكيد والعداوة , بل وأرادت التحريض عليه من قبل قومها لتعذيبه (?) , ومع هذا ما زال في حواره معها بحسن إنصات واستماع؛ لعلها تقتنع بكلامه فتدخل الإسلام.
سابعاً: الجرأة والغضب لنصرة الحق:
كما أن المحاور لا بد له من الحلم والصبر وعدم الغضب لنفسه , فهو كذلك