وحدّثنا جَماعة من شيوخنا رضي الله عنهم إجازةً منهم الفقيه أبو الطاهر ابن عوفٍ في جماعة لا أحصيهم قالوا: حدّثنا الفقيه الإمام العَالِم الزاهِدُ أبو بكر محمد بن الوليد بن محمد الفهْري الطرطوشي فقال في كتاب "ذكر الحوادثِ والبدعِ " من تأليفه: وفي الجمْلة أنه يكره صومُه على أحَدِ ثلاثة أوجه:
أحدُها: أنه إذا خَصّه المسلمون بالصَّوم في كل عَام حَسِب العوام وَمنْ لا معرفة له بالشريعة مع ظهور صيامه إمَّا إنه فرضٌ كشهر رمضان، وإما أنه سنة ثابتة خَصّه الرسُول صلى الله عليه وسلم بالصوم كالسنن الثابتة، وإمّا لأن الصّوم فيه مخصوص بفضْل ثوابِ على صيامِ سائر الشهُور جارٍ مجرى صومِ عَاشُوراءَ أو فضْل آخر الليل على أوله في الصلاة فيكونُ من باب الفضائل لا منْ باب السننِ والفرائضِ، ولو كان مِن باب الفضائل لنبّه صلى الله عليه وسلم عليه أو فَعَله وَلو مرةً في العمر كما فَعل في صوم عَاشُوراءَ، أو في الثلث الغابر من الليل، وَلما لم يفعل بَطَل كونه مخصوصاً بالفضيلة، وَلا هوَ فرْضٌ ولا سُنّةٌ باتفاق فلم يبْق لتخصيصه بالصيام وجْهٌ، فكره صيامه والدوام عليْه حذراً من أن يلتحقَ بالفرائض والسننِ الراتبة عند العَوامّ.