قال ابن بكر الحافظ: وَهذه المناوَلة هِي أعْلى مراتب الإخبار تَحِل محلَّ السماع وَالقراءَة عنْد جماعة من أئمَّة أصْحاب الحديث، وهو مذهب مالك رحمه الله، وهو فقه مستنبط من كتاب رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنّه لما أمَرَهُ أن يمتثلَ ما في الكتابِ مختوماً عليْه دلّ على أْن رسْم الكتاب ناطقٌ، وأن ذلك النطق صحيحُ الحكم كصحَّة حكم المشافهةِ، وَلولا ذلك لم يصحَّ نفوذ عبد الله بنْ جحش حين وقف على ما فِيه، وَلم يكنْ صحيحاً مَا أمَر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنّه لا يأمُر بباطلٍ. وَفي كتاب الله تعالى في صِفة سَبَأ: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)) [النمل] ، دَْليل على اْن للكتاب حكماً صحيحاً كالمشافهة، وَلذلك جمعَت ملأها وشاورتهم في قِصّتها، وَلو كان حكمه باطلاً لم ترفعْ به رأساً، وَفيها فُصُولٌ وَأنْواع تطول، وَقد بيّنا ما استنْبطناه منَ الكتاب والسنة التي هي العمدة والأصول، والسَّماع هو الأصل المعوَّل عليه الذي يجده القارِئ يوم القيامة نوراً يسعى بين يديه.
سَمعْتُ الإمامَ رضىِّ الدين أبا بكر أحْمدَ بِشَاذِياخَ نيسابورَ يقول: سمعْت أبي الإمَامَ أبا سعْدٍ الكرماني، والإمامَ أبا مَنْصُور