كتبَ إلينا أبو ذرّ الحافظ من مكةَ قال: حدثنا الحافظ أبو العباس الوليد بن بكر قال: رَوينا عن مالك أن اختياره في أعلى مَراتب نَقْل الحديث القراءَة على الراوي عَرْضاً كعرْض القُراَن قراءةَ على المقْرئ.
وقال عبد الله بن مَسْلمة القعنبي: قال لي مَالِك: قراءَتك علي أصح منْ قراءتي عليك.
قال الفقيه أبو العباس بن بكر: وكانَ مالِك يحتج في هذا بأنَّ الراوي ربمَا سَهَا وغلط فيما يقرأه بنفسه فَلا يرد عليه الطالبُ السامع لذلك الغلط لِخلالٍ ثلاث:
إمّا لأن الطالبَ جاهل فلا يهتدي للرد عليه.
وَإما لهيْبة الراوي وجلالته.
وإما لعل غَلَطه صَادف موضع اختلاف فيغفر له فيجْعله خِلافاً توهماً أنه مذهبه فيجعل ذلك الغلط صواباً.
قال مالك: وأما إذا قرأ الطالبُ على الراوي فَسها الطالب أو أخطأ فإن الراوي يَرُد عليه بعلمه مَع فَراغ ذِهْنه، أو يرد عليه عنده ممن يحضره لأنَّه لا هيْبةَ للطالب وَلا يُعَدُّ له أيضاً مذهبٌ في الخلاف إن صَادف بغلطه موضع اختلافٍ، فالرد عليه متوجهٌ من كل جِهَةِ.