أبي الفتح، كابن فارس، وابن عبد الرّحيم يخوضون في حديثه، وقالوا: كان الرأي كذا وكذا، فقال المغربي: أجود من هذه الآراء كلها أن كان يضرب عنق المجوسي جهاراً أتى الدهر بما أتى، وما كان ليكون أشدّ مما كان؛ ولعلّه كان يطرح هُنيهةً، ويصير سبباً إلى خلاص.
وذهبوا في القول كل مذهب.
وفي الجملة القدر لا يسبق، والقضاء لا يملك؛ ومن استوفى أكله استغنى أجله، والكلام فضلٌ، والرأي الدّبري مردود، ومن ساوق الدهر غُلب، ومن لجأ إلى الله فقد فاز فوزاً عظيماً.
ما وصلنا - حاطك الله - حديثاً بحديث، وكلمة بكلمة، إلا لتكثر الفائدة، ويظهر العلم، ويكون ما صرّفنا القول فيه مرفوداً بالحُجّة الناصعة، والامتاع المونق.
أيها السّامع! قد سمعت صريح الحديث ودعيَّه، وعرفت مسخوطه ومرضيَّه؛ فإن كان الله قد ألهمك العدل، وحبَّبَ إليك الإنصاف، وخفَّف عليك الرفق، ووفّر نصيبك من الخير، ورفع كعبك في الفضل، فقد رضيت بحكمك، وأمِنت عداوتك، ووثقت بما كتب الله لي على لسانك، وجعله حظّي منك.