قال: يا هذا! فأنت كاتبي وصاحب سرّي وثقتي، والزّمام في جميع أمري، ولا سبيل إلى إخراج هذا الحديث إلى أحد من خلق الله؛ فإن أنت لم تتولَّ حارّه وقارّه، وغثَّه وسمينه، ومحبوبه ومكروهه، فمَن؟ قال: أيها الأمير! لا تَسُمْني الخيانة، فإني قد أعطيته عهداً نفضُه يذَر الدِّيار بلاَقِع، ومع اليوم غد، ولعن الله عاجلة تفسد آجلة.
فقال: إني لست أسُومك أن تقبض عليه، ولا أن تُسيء إليه. أَشِر بهذا المعنى على ذلك المجلس، وخلاَك ذمّ؛ فإن رأي الصَّواب فيه تولاّه دونك كما يراه، وإن أضرب عنه عاضنا رأياً غير ما رأينا، وأنت على حالك لا تنزل عنها ولا تُبدل بها؛ وإنما الذي يجب عليك في هذا الوقت أن تكتب بين يديّ حرفين: أنه لا وجه لهذا المال إلاّ من جهة فلان، ولست أولّى مطالبته به، ولا مخاطبته عليه، وفاءً له بالعهد، وثباتاً على اليمين، وجرياً على الواجب؛ ولا أقلّ من أن تُجيب إلى هذا القدر، وليس فيه ما يدلّ على شيء من النَّكث والخلاف والتّبديل.