فقال الأمير: إن الخطب في هذا أراه يطول، والكلام يتردد، والمُناظرة تربو، والحُجّة تقف، والفرصة تفوت، والعدوُّ يستمكن؛ وأرى في الوقت أن نذكر وجهاً للمال حتى نحتج به ثم نستمدّ في الباقي منه، ونُرضي الجُند في الحال، ونتحزّم في الأمر، ونُظهر المرارة والشَّكيمة بالاهتمام والاستعداد، حتى يطير العين إلى خراسان بجدنا واجتهادنا، وحزْمنا واعتمادنا، فيكون في ذلك تكسير لقلوبهم وحسْم لأطماعهم، وباعث على تجديد القول في الصُّلح، وإعادة الكلام في المواعيد، وردّ الحال إلى العادة المعروفة، فقال: أسأل الله بركة هذا الأمر، فقد نُشيَتْ منه رائحة منكرة وما أعرف للمال وجهاً.
أما أنا فقد خرجت من جميع ما كان عندي مرةً بما خدمت به الماضي تبرعاً حِدثانَ موت أبي، ومرةً بما طالبني به سراً، وأوعدني بالعزل والاستخفاف من أجله، ومرَّة بما غَرِمت في المسير إلى العراق في نُصرة الدَّولة.