فإذا كانت هذه الحالات ملتبسة، وهذه العواقب مجهولة فهل يدور العمل بعدها إلا علىالإحسان الذي هو علة المحبّة، والمحبّة التي هي علة الحمد، والإساءة التي هي علة البُغض، والبُغض الذي هو علّة الذّمّ؟ فهذا هذا.

وكان ابن عباد شديد الحسد لمن أحسن القول وأجاد اللفظ. وكان الصوابُ غالباً عليه، وله رفق في سرد حديث ونيقةٌ في رواية خبر، وله شمائل مخلوطة بالدّماثة، بيِّن الإشارة والعبارة.

وهذا شيءٌ علم في البغداديين وكالخاصّ في غيرهم.

حدَّثته ليلة بحديث فلم يملك نفسه حتى ضحك واستعاد، ثم قيل لي بعد: إنه كان يقول: قاتل الله أبا حيان! فإنه نكد وإنه وإنه، وأكره أن أروي ذمّي بقلمي، وكان ذلك كله حسداً محضاً، وغيظاً بحتاً.

وأروي لك الحديث، فإنه في نهاية الطِّيب، وفيه فُكاهة ظاهرة، وعِيٌّ عجيب في معرض بلاغة ظريفة في ملبس فهاهة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015