فأما حديث ابن عباد مع أبي عبد الله الحصيري فمن الطّرائف؛ كان هذا الحصيري من أسقط الناس وأنذلهم، فلما ورد ابن عباد الريَّ تقرَّب إليه وعرض نفسه عليه، وسأل أن يُلقّنه المذهب، فحقره ابن عباد، وكان لا يهشّ له.
فجعل الحصيري يقف في الأسواق والشوارع العظام، والمربعات الكيار، ويُنادي بصوتٍ جهير ويقول: ادعوا الله للصّاحب الجليل، إسماعيل الذي ليس له في الدنيا عديل! ثم يقول بالفارسية: فإنه قد بسط العدل، وأحيا العلم، وبثّ المكارم، وآوى الغرباء؛ لا يشرب الخمر، ولا يَعْفِجُ الغلمان، ولا يخلو بالمُرْدان، ولا يتقحّب بالنساء، ولا ياخذ الرُّشا، ولا يقبل المُصانعات؛ نهاره في المُلك، وليله في دراسة العلم.
وأشباه هذا الكلام الشَّنيع.
وكان المنظر عجيباً، والمسمع أعجب. وكان أهل الريّ يقفون