عاد إلى بغداد، فهي التي عرفها وعرفته، وإن تطاول إلى الشام ومصر، فما بها من يجتلي غُرَّته أو يقبس حكمته، أو يصبر على جشعه الفاضح وسؤاله المُلحّ ".

فها أنا قد شخصت إلى المشرق، وحظيت عند ملكه، ووليت البريد له، وغلبت على مجلسه بالمؤانسة، وحولي الغاشية والضّفف، بعد ما كنت أُعانيه عندك من الشَّظف والجَعْف؛ وما كان كلامك ذاك لي إلا إغراء لي بطلب السعادة العاجلة ونيلها في سهولة، مع التخلص من الغيظ الذي كنت أجرعه عندك صباح مساء، والكذب الذي كنت أُنمّقه فيك في الجدّ والهزل، والخساسة التي كنت أسترها عليه في الصّحو السُّكر، والتلوّن الذي كنت أحتمله منك في الغضب والرّضا.

هذا والمنالة منك دون ما يمسك الرمق، والمبذول عليها فوق مل يجب لك بالحقّ؛ ولولا أني - مع ما أرد مَلّتَه من العتب عليك -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015