وعزوف نفسه عن التكثّر بالمال وتحصيله - فإن الأمر مفتقر إلى كفالته، ومحتاج إلى كفايته؛ وما أقول ما أقوله وغرضي إنشاء كتاب أو عقد حساب، أو تفريق مال وجمع، أو تقديم عطاء أو منع، لأن ذلك وإن كان مقصوداً، وفي آلات الوِزارة معدوداً، فإن في كتّابه من يفي به ويستوفيه، ويوفي عليه بأيسر مساعيه، لكن مولانا يريده لتهذيب من هو ولي عهده، ومن يرجوه ليومه وغده، ولا بدّ - وإن كان السِّنْخُ قويماً، والمحتد كريماً، والفضل عميماً، والمجد صميماً، ومركب العقل سليماً - من مناب من يعرف ما السياسة، وكيف الرياسة، وكيف تدبير العامّة والخاصّة، ومن أين تُجتلب الأصالة والإصابة، وبماذا تُعقد المهابة، وكيف تُرتّب المراتب وتُعالج الخطب، وكيف تردّ الخطوب إذا ضاقت المذاهب، وتعْصَى الشهوة لتُحرس الحِشمة، وتُهجر اللذة لتُحصَّن الإمرة.

ولا غنى عمن يقوم في وجه صاحبه فيرادّه إذا بدر منه الرأي المنقلب، ويراجعه إذا جَمَح به اللجّاج المرتكب، ويُعارضه إذا ألحَّ عليه الغَضب الملتهب؛ فما السبب في أن هلكت ممالك جمّة، وبلدان عِدّة، إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015