ذاك رجل له في كل طِراز نسجٌ، وفي كل فضاء رهج، وفي كل فلاةٍ ركبْ، وفي كل غمامة سَكْب؛ الكتابة تدّعيه بأكثر مما يدّعيها، والبلاغة تتحلّى به بأكثر مما يتحلّى هو بها. وما أحلى قوله:

حمراءُ مُصْفَرَّةُ الأَحشاءِ باعثةٌ ... طِيباً تخالُ به في البيت عَطَّاراً

كأَن في وسْطها تِبْراً يُخلّصِهُ ... قَيْنٌ يُضَرِّم في أورَاقِهِ النارَا

وقوله:

ما زلتُ في سُكْري أَلمِّع كفَّها ... وذِراعَها بالقَرْصِ والإِثآر

حتى تركت أَديمها وكأَنّما ... غُرِزَ البَنَفْسَجُ في الجُمّارِ

وبلغ المجلس أبا إسحاق فحضر وشكر، وطوى ونشر، وأورد وأصدر، وكان كاتب زمانه لساناً وقلماً وشمائل، وكان له مع ذلك يدٌ طويلة في العلم الرياضي.

وسمعت أبا إسحاق يقول: هو ابن أبيه، لله دَرّه! ثم أخذ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015