لا يُقلع عن الشر وإن قرع في وجهه باللائمة، وكُشِط عرضه بالمذمّة؛ وهمُّ هذا في الأخذ والإعطاء، والإبعاد والإدناء؛ وكان دأب ذاك الجمع والمنع والتفلسف ليقع اليأس منه، ويتلذذ بالخيبة عليه؛ وهذا يقول ويفعل بعض ما يقول متجلّداً، وكان ذاك لا يهم ولا ينوي ولا يظنّ ولا يحلم، فضلاً عن القول المٌطمع والعمل النافع؛ وعيبُ هذا أنه يذوب حتى لا يحصل لك منه شيء؛ وكان عيب ذاك أنه يجمد حتى لا تنتفع منه بشيء.
وقلت لأبي السلك يوماً، وقد خرج من دار ابن عباد: كيف ترى الناس؟ فقال: رأيت الداخل ساقطاً، والخارج ساخطاً، وأخذ من قول شبيب؛ فإنه خرج من دار المهلّبي وقال: تركت الداخل راجياً، والخارج راضياً.