مجالس العلماء، وتلاقينا على أبواب الحكماء والأدباء أيام كنت أُفَكِّهُك بالحديث النادر، واللّفظ الحسن، فأُضحِك سنّك بما ملُح وحرّ، وأزيدك من خلال ذلك كله خِبرة بالدّهر وأهله، واعتباراً بالزمان وتصرّفه، وأفتح عليك باب المؤانسة، وأصف لك أخلاق الناس وما يفترقون به ويجتمعون عليه من غرائب الأمور، وطرائف الأحوال أيام كان عود الشّباب رطيباً، وورق الحياة نضيراً، وظِلّ العيش ممدوداً، ونجم الزمان مُتوقّداًومُقترح النَّفس مُواتياً، وروض المُنى خضِلاً، ودَرُّ النّعمة متّصلاً، وداعي الهوى مُشمّراً؛ أيام رأسك فَيِنان، وأنت كالصَّعدة تحت السِّنان، شطاطك معجب، وحديثك معشوق، وقُربك مُتمنَّى، والليل بك قصير، والنهار عليك مقصور، والعيون إليك طوامح، والعواذل دونك نوائح وذاك زمان مضى فانقضى، فأما غوياً وإما رشيدا؛ وكان الوقت يقتضي ذلك ويسعه، والحال تُواتيه وتحمله، والعُذر يقع لطالبه وملتمسه؛ لكني إذا