فأراد أن يفُرَّه، ويعرف ما عنده، وكان الشاب من أهل سَمرقند زعم أنه يعرف بأبي واقد الكَراييسي.
فقال له: يا أخ انبسط واستأنس وتكلّم؛ فلك منّا جانب وطِيّ ومشرب رَوِيّ، ولن تَرى إلا الخير، بم تُعرَف؟ قال: أُعرف بدَقّاق.
قال: تَدُقّ ماذا؟ قال: أَدُقّ الخصم إذا زاغ عن سبيل الحق. فلما سمع هذا تنكّر وعجب، لأنه فُجئ ببَديعة.
فقال: دَعْ ذا، تكلّم.
قال: أتكلَّم سائلاً؟ والله ما بي حاجةً إلى مسألة، أم أتكلم مسؤولاً؟ فوالله إني لأكسَل عن الجواب، أم أتكلّك مقرِّراً؟ فوالله إني لأكره أن أُبدد الدّر في غير موضعه، وإني لكَما قال الأول:
لقد عجَمتْني العاجِمات فلم تَجد ... هَلُوعاً ولا لينَ المجَسَّة في العَجْمِ