الحسن الطبري، طبيب رُكن الدّولة، وكان مع هذا المذهب الذي يُدِلّ به ويُسمّيه " العدل والتوحيد " قليل التوجُّه إلى القبلة، قليل الركوع والسُّجود، وكان مع حفظه الغزير، عليه مؤونة في تلاوة آية من كتاب الله عزّ وجلّ، إذا أراد أن يستدل بها في المناظرة والجدل، أو يذكر وجهاً من وجوهها في المذاكرة، ولم يكن عليه طابع العبادة، ولا سيّما المتألّهين، وكان مع هذا سفّاكاً للدماء، قتّالاً للنُّظراء والأكفاء، وكان شديد الحسّ لأهل الفضل والدراية، ولأصحاب الحفظ والرواية، وكان جلّ حسده لمن كتب فأحسن الخطّ وأجاد اللفظ، وتأتى للرسم وملّح في الاستعارة، وكان إذا سمع من إنسان كلاماً منظوماً، ومعنىً قويماً، ولفظاً مسجوعاً، ونثراً مطبوعاً، وبياناً بليغاً، وغرضاً حكيماً انتقض طِباعه وذهب عليه أمره وتبدّد حلمه وزال عنه تماسكه والتهب كأنه نار، واضطرب كأنه شَرار، وحدّث نفسه بقتله أو نفيه أو إغراقه وإبعاده وحرمانه.

قلت للتَّميمي الشاعر المصريّ بالرغيب: كيف ترى هذا الرجل أعني ابن عبّاد؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015