الشيخ عن هذا الإنسان، كيف وجدته في طول ما عجمت عودَه، وتصفّحت أخلاقه، وخبرت دِخلته.
فقال: وجدته كليل الكرم، حادّ اللؤم، رقيع الظاهر، مُريب الباطن، دنِس الجيب، مُثرياً من العيب، كأنه خلق عبثاً مما مُلي خُبثاً؛ سفهه ينفي حكمة خالقة، وغِناه يدعو إلى الكفر برازقه؛ وأنا أستغفر الله من قولي فيه ونفاقي معه؛ ولعن الله الفقر فهو الذي يُحيل المروءة، ويقدح في الديانة؛ ولو كان لي ببغداد قوتٌ يحفظ عليَّ ماء الوجه ما صبرت على هذا الرّقيع البارد المطاع ساعة، ولكن ما أصنع قد قلّبت أمري ظهراً لبطن، مالي إلى الرزق باب إلاّ منه، وأنشد:
وَالرّزق كالوَسميّ رُبَّتَما عَدا ... روضَ القَطا وسقَى مَهامِه جِلّقِ
فإذا سمعت بحوَّّلٍ متأَله ... متأَدب فهو الذي لم يُرزَقِ
والرِّزقُ يخطيء بابَ عاقل قومه ... ويَبيتُ بَواباً لبابِ الأَحمقِ
وأنشد أيضاً:
الرّزقُ قد يأتيك في وَقتِه ... والحرصُ لا يُغني ولا يُجدي
كم قاعدٍ يبلغ مأْمولَه ... وَطالبٍ مضطرب يُكدي
فاسترزِق الرازقَ مِن فضلِه ... وارضَ بما يُوليك من رفدِ