أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , أَنْبَأَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ , أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -[30]- كَتَبَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ الْعِلْمَ كَالْيَنَابِيعِ يَغْشَى النَّاسَ فَيَخْتَلِجُهُ هَذَا , وَهَذَا , فَيَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ , وَإِنَّ حِكْمَةً لَا يُتَكَلَّمُ بِهَا كَجَسَدٍ لَا رُوحَ فِيهِ , وَإِنَّ عِلْمًا لَا يُخْرَجُ كَكَنْزٍ لَا يُنْفَقُ , وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُعَلِّمِ كَمَثَلِ رَجُلٍ عَمِلَ سِرَاجًا فِي طَرِيقٍ مُظْلِمٍ يَسْتَضِيءُ بِهِ مَنْ مَرَّ بِهِ , وَكُلٌّ يَدْعُو إِلَى الْخَيْرِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: «فَمَا ظَنُّكُمْ ـ رَحِمَكُمُ اللَّهُ ـ بِطَرِيقٍ فِيهِ آفَاتٌ كَثِيرَةٌ , وَيَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى سُلُوكِهِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِصْبَاحٌ وَإِلَّا تَحَيَّرُوا , فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُمْ فِيهِ مَصَابِيحَ تُضِيءُ لَهُمْ , فَسَلَكُوهُ عَلَى السَّلَامَةِ وَالْعَافِيَةِ , ثُمَّ جَاءَتْ طَبَقَاتٌ مِنَ النَّاسِ لَابُدَّ لَهُمْ مِنَ السُّلُوكِ فِيهِ , فَسَلَكُوا , فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ , إِذْ طُفِئَتِ الْمَصَابِيحُ , فَبَقُوا فِي الظُّلْمَةِ , فَمَا ظَنُّكُمْ بِهِمْ؟ هَكَذَا الْعُلَمَاءُ -[31]- فِي النَّاسِ لَا يَعْلَمُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ كَيْفَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ , وَكَيْفَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ , وَلَا كَيْفَ يُعْبَدُ اللَّهُ فِي جَمِيعِ مَا يَعْبُدُهُ بِهِ خَلْقُهُ , إِلَّا بِبَقَاءِ الْعُلَمَاءِ , فَإِذَا مَاتَ الْعُلَمَاءُ تَحَيَّرَ النَّاسُ , وَدَرَسَ الْعِلْمُ بِمَوْتِهِمْ , وَظَهَرَ الْجَهْلُ , فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ مُصِيبَةٌ مَا أَعْظَمَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؟»